القائمة الرئيسية

الصفحات

تحية إعلامية لمتتابعينا الكرام ومرحبا بكم في قناتكم "كنال شفشاون"

شفشاون.. حينما تتحول جمالية المدينة إلى وصمة عار في سوق الأسماك

 شفشاون.. حينما تتحول جمالية المدينة إلى وصمة عار في سوق الأسماك

شفشاون.. حينما تتحول جمالية المدينة إلى وصمة عار في سوق الأسماك

ليست الصور المُتداولة عن سوق الأسماك بشفشاون مجرد لقطات عابرة، بل هي صرخة مدوِّية تعكس انتهاكًا صارخًا لكرامة المدينة وسكانها. ما كشفته "الشاون بريس" ليس خللًا إداريًّا عابرًا، بل كارثة إنسانية تمس جوهر الحق في العيش بكرامة، حيث تتحول دلالة الأسماك من فضاءٍ يُفترض أن يكون رمزًا للجودة والنظام، إلى مشهدٍ أشبه بفيلم كابوسي: قمامة متناثرة، ومياه راكدة تختلط بدماء الأسماك، وروائح نتنة تعلن عن غياب أبسط شروط الصحة العامة. فكيف لمدينة تسحر العالم بجمالها الزاخر أن تحتضن في قلبها جرحًا مفتوحًا يُنذر بكارثة؟
لا يُخجل المشهد من نفسه؛ فهو يصرخ بوقاحة أن المواطن هنا مجرد رقم في سجل الإهمال. الأرضية المغطاة بالقاذورات، والأكياس البلاستيكية العالقة كأشباح، والأسماك المتروكة تحت أشعة الشمس كأنها جثث ميتة، كلها تفاصيل تروي قصة مدينةٍ تتعثر تحت وطأة الإدارة العشوائية. السؤال الذي يفرض نفسه: أيُّ إنسان هذا الذي يُجبر على شراء غذائه من مستنقعٍ موبوء؟ وأيُّ تنمية تُذكر حينما يُترك السوق الغذائي مرتعًا للفوضى، وكأن صحة الناس ضربًا من الترف.
ليست الفوضى البصرية وحدها ما يؤلم، بل استغلالُ الحاجة ليُضاف إلى الجرح ملحٌ من الظلم. فالسوق الذي كان يجب أن يكون ساحةً لتوازن العرض والطلب، تحوّل إلى سوق نخاسةٍ حديثة، يتحكم فيها "سماسرة الظل" بأسعار لا ترحم. المواطن الذي يئن تحت وطأة الغلاء يدفع ثمنًا مزدوجًا: نقودًا من جيبه المهترئ، وصحةً من جسده المغدور. فهل يعقل أن تُترك الحبل على الغارب ليتحول الغذاء من حقٍ أساسي إلى سلعةٍ للمضاربة، بينما تراقب الجهات الرقابية من برجها العاجي؟
فإذا كان السوق يُدار تحت مظلة المجلس البلدي، فكيف يُفسر هذا السكوت المريب؟ هل يعجز المجلس عن تنظيف أرضية، أو مراقبة أسعار، أو فرض عقوبات على المخالفين؟ أم أن الأولويات تحيد عن صحة المواطن نحو مشاريعَ تُلمع الصورة الظاهرية للمدينة؟ ليس المطلوب خططًا استراتيجية معقدة، بل إرادة بسيطة تبدأ بإرسال فرق تنظيف، وفرض غرامات على المهملين، وتثبيت لافتاتٍ تذكِّر بأن المواطن كائنٌ يستحق الحياة بسلام. الصمت اليوم ليس خيارًا، بل تواطؤٌ يُضاف إلى سجل الإخفاقات.
فأما أهل شفشاون، فحديثهم واضح: لن نبيع كرامتنا بأرض السوق، ولن نسكت عن حقٍ ضاع بين القمامة والسمسرة. فليُدرك المسؤولون أن الزمن تغير، وأن الإنسان الشفشاوني الذي بنى تراث المدينة قادرٌ على هدم أصنام الإهمال فانهضوا وأصلحوا ما تبقى من الثقة بإجراءات عاجلة، أو افسحوا الطريق لمن يملكون ضميرًا يحترم الإنسان والحجر
✍️ بقلم منير الحجي

تعليقات

التنقل السريع