عوامل أسهمت في النجاح الكبير لتنظيم كأس العالم للاندية في طنجة والرباط
أسدلت منافسات كأس العالم للأندية- المغرب 2022 (الموندياليتو)، الستار على أطوارها، مساء السبت، بعد 11 يوما من الفرجة الكروية التي رسمت تفاصيلها ثلة من ألمع فرق الأندية الرياضية في العالم، وتوجت بتصدر فريق ريال مدريد الإسباني عقب فوزه على فريق الهلال السعودي بخمسة أهداف مقابل ثلاثة.
وذهب المركز الثالث في هذه البطولة العالمية، إلى نادي فلامنغو البرازيلي الذي انتصر على الأهلي المصري بأربعة أهداف لاثنين.
وشكل احتضان طنجة والرباط، لمنافسات هذه البطولة العالمية، عرسا رياضيا بامتياز، أسهمت في نجاحه العديد من العوامل منها ما يرتبط بالعامل البشري المتمثل في تجند السلطات العمومية من أجل إنجاح هذه التظاهرة إلى جانب التعاطي الحضاري من قبل الجماهير الغفيرة التي غصت بها جنبات الملعبين المحتضنين، وهي عناصر انضافت إلى ما تتمتع به المملكة المغربية ومدنها من أمن واستقرار؛ بالإضافة إلى المؤهلات المختلفة الجامعة ما بين عراقة الحضارة وجمالية التراث بصنفيه المادي واللامادي؛ دون إغفال البنية التحتية القوية التي أمست بلادنا تتوفر عليها.
شهرة طنجة ومركزية الرباط
كان اختيار مدينة طنجة إلى جانب العاصمة الرباط، لاحتضان هذا العرس الكروي العالمي، موفقا إلى حد كبير، فالمدينتان معا تتمتعان بمكانة متميزة ذات أبعاد متعددة.
فطنجة التي توصف بأنها “عروس الشمال”، هي بوابة المغرب الإفريقية نحو أوروبا والعكس صحيح بل هي بوابة البلاد نحو باقي دول المعمور؛ وثاني أقطابه الاقتصادية، فبفضل موقعها الجغرافي المتميز ذو الواجهتين البحريتين وماضيها التاريخي والحضاري، استطاعت مدينة الرحالة العالمي “ابن بطوطة”، أن تستحوذ على نصيب كبير من الشهرة العالمية، خاصة بعد الطفرة التنموية التي حظيت بها بفضل المشاريع المهيكلة الكبرى شهدتها خلال السنوات الأخيرة.
بينما تشكل “عاصمة الأنوار” الرباط التي تعد مركز القرار السياسي والإداري بالمملكة، أحد أوجه التاريخ المغربي العريق؛ فالحاضرة الممتدة لقرون والتي حظيت بلقب عاصمة الثقافة العربية؛ والمحتضنة للعديد من التظاهرات المهمة والوازنة في المجالات المختلفة؛ كانت هي الأخرى في الموعد؛ مؤكدة قدرتها على احتضان جزء من مباريات هذا العرس الكروي؛ وبالخصوص مباراة النهائي التي جمعت بين فريق ريال مدريد الإسباني وفريق الهلال السعودي.
بنية تحتية متطورة
ولا شك، أن من بين أهم العوامل التي أهلت بلادنا لاحتضان هذه التظاهرة الكروية العالمية، مرتبط بشكل وثيق بالبنية التحتية العصرية التي تتوفر عليها العديد من مدن المملكة، إذ نالت كل من طنجة والرباط، خلال السنوات الماضية، حظا وافرا من المشاريع التي أكسبتها بنية متطورة وجعلت منهما أرضية لخدمات مواصلاتية من مستوى عالي جدا.
ولعل الطرق السيارة؛ المطارات الدولية؛ الخط السككي السريع؛ والمركب المينائي المتوسطي؛ وكذا بنيات الاستقبال المصنفة دوليا، تعتبر من أبرز الأمثلة لهذه الطفرة البنيوية المهمة التي أضفت على بلادنا جاذبية سياحية واقتصادية وجعلت منها وجهة استثمارية مثالية في مختلف المجالات.
تجهيزات رياضية حديثة
ولأن الرياضة هي محور هذا العرس العالمي الذي نالت بلادنا شرف استضافته، فكان بديهيا أن يكون توفر المنشآت والمركبات الرياضية هي أولى العناصر المطلوبة، وبالفعل فإن بلادنا عملت على مدى سنوات طويلة على الاستثمار في هذا المجال وبلورة عرض بنيوي يستجيب للمعايير الدولية.
ويمثل ملعب طنجة الكبير، او ملعب “ابن بطوطة”، كما تفضل شريحة واسعة من أهالي طنجة تسميته، الذي شكل منذ افتتاحه سنة 2011، مسرحا للعديد من الفعاليات الرياضية الوطنية والدولية، أحد مكونات المشروع الرياضي الواعد، المعروف بـ”القرية الرياضية” التي تضم تجهيزات ومنشآت عصرية خاصة بمختلف الرياضات، وتم إحداثها وفق مقاربة تروم تحفيز الإقلاع الرياضي الحقيقي بمدينة طنجة، قبل ان الرغبة في احتضان أي تظاهرات عالمية.
أما مركب الأمير مولاي عبد الله؛ معلمة رياضية تاريخية؛ ارتبطت باحتضان عدد من المباريات الكروية وتظاهرات مختلفة.
من البطولة الوطنية الوطنية؛ إلى مسابقة كأس العرش؛ ثم مباريات المنتخبات الوطنية لمختلف المراحل العمرية؛ وصولا إلى المواجهات التي خاضها المنتخب الوطني لكرة القدم (كبار)؛ وعدد من المسابقات الدولية الأخرى؛ يظل هذا الملعب أحد الميادين التي رسمت تألق ومجد كرة القدم ببلادنا.
تجند السلطات وانخراط الفاعلين الترابيين
نجح مختلف المتدخلين المؤسساتيين من سلطات عمومية ومصالح خارجية ومجالس منتخبة، في كسب رهان التحضير الجيد لهذه التظاهرة العالمية، في وقت قياسي لم يتعدى شهرا واحد، حيث أبان مختلف هؤلاء الفاعلين الترابيين عن علو كعبهم وحس عال من المسؤولية والعمل الجاد في سبيل إنجاح احتضان بلادنا للموندياليتو.
في طنجة؛ كان الجميع في حال استنفار بالليل كما النهار؛ والي جهة طنجة تطوان الحسيمة محمد مهيدية يقف على كل صغيرة وكبيرة تتعلق بهذا الحدث البارز؛ ويعقد اجتماعات يومية مطولة مع كل المسؤولين المرتبطين بالموضوع؛ فيما انخرط مجلس جماعة طنجة برئاسة منير ليموري في العديد من المبادرات الميدانية الرامية إلى الإسهام في إنجاح هذا العرس الكروي الهام. فيما المديرية الجهوية للشباب- قطاع الشباب بقيادة “المايسترو” عبد الواحد اعزيبو سجلت نجاحاَ ملحوظاً لتمر أجواء “الموندياليتو” في أحسن الظروف الممكنة؛ في الوقت الذي كان لمجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة برئاسةعمر مورو دور لا يقل أهمية عن كل المؤسسات السالف ذكرها حتى تتميز حاضرة البوغاز- عروس الشمال وهي تختال في فرحها محتضنة المباريات والجماهير من أهل المدينة والزوار والسياح من خارج الوطن.
الحماس الجماهيري
تميز “الموندياليتو” بحضور جماهيري كبير؛ سواء في ملعب ابن بطوطة بطنجة؛ أو في ملعب الرباط.. جمهور حطم الأرقام القياسية خاصة يوم الافتتاح بطنجة إذ كاد الرقم يتقرب من عتبة 70 متفرج.
ولم ينحصر هذا الحضور على الجمهور المغربي؛ بل شمل جماهير الفرق المشاركة؛ الأمريكية منها والمصرية؛ وبالخصوص البرازيلية التي صنعت علامة فارقة وهي تتابع هذا الحدث الكروي العالمي.
جماهير “الفلامينغو” البرازيلي؛ راقها المغرب وأعجبت بطنجة وبترحاب أهلها وكرمهم؛ ونفس الشيء بالنسبة لجماهير الأهلي التي أثنت على الدعم الذي وجدته في الجماهير المغربية وهي تساند هذا الفريق المصري العريق.
“الموندياليتو” كان أيضا فرصة لبعض المشاهير من نجوم “اليوتيوب” لاكتشاف المغرب وأسرار جماله وتميزه؛ وشكل هؤلاء بالفعل سفراء فوق العادة لبلدانهم؛ والغاية هي تقديم صورة جد مشرفة عن مغرب يتطور باستمرار في كل المجالات وعلى شتى الأصعدة.
التغطية الإعلامية
وإلى جانب العناصر المذكورة أعلاه، فإن الدور الذي لعبه نساء ورجال الإعلام خلال فترة منافسات كأس العالم للأندية، لم يكن أقل أهمية في إنجاح هذه التظاهرة، فبفضل المواكبة المستمرة اليومية والتغطية المكثفة لمختلف تفاصيل هذا العرس الكروي العالمي، بدءا من الاستعدادات التنظيمية؛ وصولا إلى أطوار المنافسات وما يرافقها من حركية سياحية واقتصادية همت المدينتين المحتضنتين.
وبينما ركز أفراد الوفود الصحفية وممثلي المؤسسات الإعلامية من داخل المغرب وخارجه، على تتبع تحركات الفرق المشاركة وأطوار المباريات، تجاوز زملاؤهم في مدينة طنجة أنماط هذه المواكبة الكلاسيكية، لتشمل نطاقا واسعا، هم أساسا الترويج لمدينتهم وما تزخر به من مخزون حضاري متعدد المعالم، وهو ما تجلى من خلال العديد من المواد الصحفية سواء المصورة أو المرقونة (المكتوبة)، التي كان لها وقع إيجابي كبير في تعزيز الإشعاع العالمي لـ”عاصمة البوغاز”.
هذه التعبئة الكبيرة، التي أبى من خلالها ممثلو وممثلات المؤسسات الإعلامية في مدينة طنجة، أن يتركوا بصماتهم في هذا النجاح الكبير لفعاليات “الموندياليتو”، ما هي إلا ثمرة لتنسيق قبلي تجلى في مبادرات فريدة واستثنائية من نوعها على المستوى الوطني، خاصة فيما يتعلق بالمشاركة المكثفة والبناءة في أشغال الورشة التواصلية التي أشرفت على تنظيمها جمعية الأعمال الاجتماعية للصحافيين الشباب، في الرابع والعشرين من يناير الماضي.
كنال شفشاون
تعليقات
إرسال تعليق
إذا كان لديك الاستفسار حول الموضوع لاتنسى ترك التعليق.