اليوغا.. ملاذ آمن للكثيرين من أجل تجاوز ضغوطات الحياة اليومية
في مواجهة ضغوط الحياة اليومية وما ينتج عنها من توتر وإجهاد نفسي، أصبح الإنسان في بحث متزايد عن ممارسات قديمة كانت أو حديثة، تساعده على استعادة توازنه النفسي والبدني، وتقدم له خيارات لتحسين معيشه اليومي. ومن بين هذه الممارسات تحظى “اليوغا” بإقبال كبير للحفاظ على الصحة البدنية والنفسية، وتعزيز الثقة في النفس، وتحقيق الصفاء الذهني المنشود.
مزيج من التمارين البدنية والعقلية توظف اللياقة البدنية وتقنيات التنفس والتأمل والاسترخاء، هي توليفة “اليوغا” التي تستهوي الكثيرين ممن أرهقتهم ضغوطات الحياة العصرية، وتسببت لهم في أمراض استعصى عليهم شفاؤها.
وبالفعل أضحت “اليوغا” ملاذا آمنا للتخلص من التوتر، وما يتسبب فيه من أمراض مزمنة كالقلق والاكتئاب وآلام الظهر والمفاصل والقولون العصبي، حيث تمكن ممارستها من استعادة الروابط بين الجسد والفكر عبر عدة تقنيات، منها التنفس العميق أثناء التمارين البدنية والتركيز العالي والتأمل العميق، ما يهدئ من تعب النفس والروح.
وبالرغم من أن “اليوغا” ممارسة قديمة نشأت في شمال الهند، إلا أنها أصبحت تعرف إقبالا كبيرا في جميع أنحاء العالم، بالنظر إلى عدة أسباب، وفي مقدمتها جائحة “كورونا”، وما خلفته من صعوبات اقتصادية ومآسي اجتماعية.
وفي هذا السياق، أكدت منظمة الأمم المتحدة التي أقرت الاحتفال بـ “اليوم العالمي لليوغا”، في ال21 من يونيو من كل سنة ، أن اليوغا يمكن أن تكون أداة مهمة في السعي الجماعي للبشرية لتعزيز نمط الحياة المستدام في وئام مع كوكب الأرض. وتماشيا مع هذه الروح، يسلط موضوع هذه السنة “اليوغا من أجل الإنسانية” الضوء على ما تضفيه هذه الرياضة من مهارة في الأداء وقيمة هامة في زرع طرق مدهشة للحفاظ على مواقف متوازنة في الحياة اليومية احتفاء بالروح والجسد.
وبحسب بيان أصدرته المنظمة بهذه المناسبة، فإن جائحة كوفيد -19 مأساة إنسانية غير مسبوقة، فبالإضافة إلى تأثيرها المباشر على الصحة البدنية، أدت الجائحة أيضا إلى تفاقم المعاناة النفسية وإلى مشاكل في الصحة العقلية، بما في ذلك الاكتئاب والقلق، خاصة مع إقرار العديد من البلدان قيودا مرتبطة بالوباء، مما أبرز الحاجة الملحة للتصدي للبعد الصحي والنفسي للوباء.
وسجلت أن جوهر اليوغا هو التوازن ، ليس فقط التوازن داخل الجسم أو بين العقل والجسد، ولكن أيضا التوازن في العلاقة الإنسانية مع العالم، حيث تؤكد اليوغا على قيم اليقظة والاعتدال والانضباط والمثابرة، فعند تطبيقها، تقدم اليوغا مسارا للحياة المستدامة.
وأشار بيان المنظمة إلى أن الكثيرين في جميع أنحاء العالم مارسوا رياضة اليوغا للبقاء في صحة جيدة وتجديد شبابهم ومكافحة العزلة الاجتماعية والاكتئاب خاصة أثناء الجائحة ، حيث لعبت “اليوغا” أيضا دورا مهما في الرعاية النفسية والاجتماعية، وعملت على إعادة تأهيل مرضى كوفيد-19 في الحجر الصحي والعزلة.
وكانت الهند قد قدمت مشروع قرار لتعيين يوم عالمي لليوغا في 11 دجنبر 2014، ولقي مشروع القرار تأييد 175 دولة من الدول الأعضاء. وكان ناريندرا مودي، رئيس الوزراء الهندي، هو أول من اقترح هذا اليوم في كلمته خلال افتتاح الدورة الـ69 للجمعية العامة، التي قال فيها: “اليوغا هدية لا تقدر بثمن من تقاليدنا القديمة وتجسد وحدة الجسد والعقل، والفكر والعمل، ونهجا شاملا مهما لصحتنا ورفاهيتنا، حيث إنها ليست تمرينا وحسب، بل هي وسيلة لاكتشاف شعور الوحدة مع النفس ومع العالم والطبيعة”.
ولم تفتئ منظمة الصحة العالمية تحث الدول الأعضاء على مساعدة مواطنيها في العمل على الحد من الخمول البدني، الذي يعتبر أحد عشرة أسباب للوفاة في أرجاء العالم، فضلا عن أنه عامل خطير للإصابة بالأمراض غير المعدية مثل أمراض القلب والسرطان والسكري. وأشار الأمين العام للأمم المتحدة في كلمته بمناسبة الاحتفال الأول باليوم العالمي لليوغا إلى فوائد ممارستها، باعتبارها رياضة يمكن لها الإسهام في التنمية والسلام، كما أنه يمكن أن تساعد الأشخاص خلال حالات الطوارئ لتهدئة الضغوط التي يواجهونها. وكما قال الراحل، بي كا أس أينجار ، أحد أشهر ممارسي اليوغا : “اليوغا تنمي طرق الحفاظ على نمط متوازن في الحياة اليومية وتضفي مهارة على أداء الفرد”.
وفي المغرب، تم الاحتفال بهذا اليوم لأول مرة في 21 يونيو 2015 في كل من الرباط والدار البيضاء ومراكش وطنجة وفاس ومكناس، مما يظهر حماس المغاربة تجاه مفاهيم وممارسات اليوغا التي تعود إلى آلاف السنين.
كنال شفشاون
تعليقات
إرسال تعليق
إذا كان لديك الاستفسار حول الموضوع لاتنسى ترك التعليق.