الدرداري: الخطاب الملكي الأخير خريطة للانتقال إلى العمل الاستراتيجي
أبرزأستاذ العلوم السياسية بجامعة عبد المالك السعدي، أحمد الدرداري، أن خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي وجهه جلالته يوم الجمعة، إلى أعضاء البرلمان، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية الحادية عشرة، له حمولة كبيرة ومهمة تتجلى أساسا في الانتقال إلى العمل الاستراتيجي.
وأوضح أحمد الدرداري، في تصريح خص به وكالة المغرب العربي لأنباء ، أن صاحب الجلالة وجه الحكومة الجديدة وطالبها ببلورة وتنفيذ استراتيجيات ثلاثية الأبعاد، في الوقت الذي يدشن فيه المغرب مرحلة جديدة، تقتضي تضافر الجهود حول الأولويات الاستراتيجية لمواصلة مسيرة التنمية، ومواجهة التحديات الخارجية، وتعزيز مكانة المغرب أكثر فأكثر رغم المناخ الدولي المشحون، وكذا بلورة مفاهيم سيادية جديدة، وإحداث منظومة وطنية للمخزون الاستراتيجي، مع ربط تدبير الأزمة الوبائية بمواصلة إنعاش الاقتصاد رغم الأزمة الوبائية.
وأوضح الأكاديمي أنه وحتى يتسنى للمغرب الدفاع عن مصالحه العليا، لاسيما في ظرفية مشحونة بالعديد من التحديات والمخاطر والتهديدات، فان المؤسسات القوية ضرورية لرفع كل التحديات، خاصة وأن الأزمة الوبائية أبانت عن عودة قضايا السيادة للواجهة، والتسابق من أجل تحصينها، في مختلف أبعادها، الصحية والطاقية والصناعية والغذائية، مشيرا في ذات الوقت إلى أن المغرب قد تمكن من تدبير حاجياته، وتزويد الأسواق بالمواد الأساسية، بكميات كافية وبطريقة عادية، في وقت سجلت العديد من الدول اختلالات كبيرة في توفير هذه المواد وتوزيعها.
ورأى أحمد الدرداري أن التحولات المتسارعة في العالم تقتضي إحداث منظومة وطنية متكاملة، تتعلق بالمخزون الاستراتيجي للمواد الأساسية، لاسيما الغذائية والصحية والطاقية، والعمل على التحيين المستمر للحاجيات الوطنية، بما يعزز الأمن الاستراتيجي للبلاد، معتبرا أن المغرب، وبفضل الكثير من الإجراءات العملية أظهر تفوقه، دون نسيان مسؤولية المواطنين في حماية أنفسهم وأسرهم، بالتلقيح واستعمال وسائل الوقاية، واحترام التدابير التي اتخذتها السلطات العمومية.
وفي السياق ذاته، لاحظ الباحث أن الاقتصاد الوطني عرف انتعاشا ملموسا، رغم الآثار غير المسبوقة لهذه الأزمة، وتراجع الاقتصاد العالمي عموما، موضحا أنه بفضل التدابير التي أطلقها جلالة الملك ارتفع حجم الصادرات والاستثمارات الأجنبية، وتمكن المغرب من التحكم في التضخم، ومن المنتظر ارتفاع النمو بنسبة تفوق 5.5 في المائة سنة 2021. وهي نسبة لم تتحقق منذ سنوات، وتعد من بين الأعلى على الصعيدين الجهوي والقاري، كما من المتوقع أن يسجل القطاع الفلاحي نموا متميزا يفوق 17 في المائة، بفضل عصرنة القطاع، والنتائج الجيدة للموسم الفلاحي.
وشدد على أن الدولة من جهتها، ستواصل المجهود الوطني، لا سيما من خلال الاستثمار العمومي، ودعم وتحفيز المقاولات، معتبرا أنه في هذا السياق الإيجابي، ينبغي أن نبقى واقعيين، ونواصل العمل، بكل مسؤولية، وبروح الوطنية العالية، بعيدا عن التشاؤم، وبعض الخطابات السلبية.
وأبرز الأستاذ بجامعة عبد المالك السعدي أن حكومة عزيز أخنوش مطالبة بالتنزيل الفعلي للنموذج التنموي كبعد استراتيجي، وإطلاق مجموعة متكاملة من المشاريع والإصلاحات من الجيل الجديد وفق مخططات تضع ضوابط جديدة، وتفتح آفاق واسعة أمام الجميع، مشيرا إلى أن “الميثاق الوطني من أجل التنمية” يشكل آلية هامة لتنزيل هذا النموذج، باعتباره التزاما وطنيا أمام المغاربة.
وسجل الباحث أن الحكومة مطالبة بتعبئة الموارد المالية لتنزيل النموذج التنموي، وكذا استكمال المشاريع الكبرى، التي تم إطلاقها، وفي مقدمتها تعميم الحماية الاجتماعية، التي تحظى برعاية جلالة الملك ، وتأهيل حقيقي للمنظومة الصحية، طبقا لأفضل المعايير، وفي تكامل بين القطاعين العام والخاص.
وخلص إلى أن الحكومة والبرلمان، أغلبية ومعارضة، لهما كامل المسؤولية مع جميع المؤسسات والقوى الوطنية، في إنجاح هذه المرحلة والتحلي بروح المبادرة والالتزام المسؤول، وتغليب طابع التنفيذ لاستراتيجيات وللنموذج التنموي، مهما اختلفت مرجعيات أحزاب التحالف الحكومي .
كنال شفشاون
تعليقات
إرسال تعليق
إذا كان لديك الاستفسار حول الموضوع لاتنسى ترك التعليق.