الموسيقي الشفشاوني الفنان محمد بن عبد السلام الورياشي
مؤسس جمعية "الرابطة المحمدية للأمداح النبوية بتطوان".
لم تنجب مدينة مغربية فنانا بالفطرة مثل ما أنجبته مدينة شفشاون في شخص الأستاذ الأديب والشاعر والمربي والموسيقي الفنان محمد عبد السلام ورياش الذي ظل من المهد إلى اللحد وهو يدرس الموسيقى للأجيال، ويشارك بالحضور في كل لقاء أو تجمع أو مهرجان أو أية مناسبة من المناسبات دينية كانت أو وطنية دون أن تجد في صدراتها الأستاذ ورياش.
ولد رحمه الله بشفشاون سنة 1921، وبدأت مواهبه الموسيقية من صغره وهو يومئد ما زال تلميذا بالمعهد الأصيلي بمدينته، فكان يحفظ الأناشيد الوطنية والأمداح النبوية من همزية وبردة، ويتغنى بها أمام أقرانه من الطلبة والتلاميذ، ثم حضوره الدائم في الزوايا والمساجد التي كانت تصدح حلقات الذكر فيها بالطرب والإنشاد والسماع، وتعلم النقر على آلة "الكورديون" فأحسن نقرها وصارت هي المفظلة لديه تعايشت معه إلى وفاته، وكان منذ صغره يحفظ للأطفال هذه الأناشيد بنغماتها الموسيقية، حتى إن فرع حزب الإصلاح الوطني بشفشاون في لقاءاته ومهرجاناته واستعرضاته كان يفتتحها الأستاذ محمد ورياش بالنشيد الرسمي للحزب انطلاقا من سنة 1936 وفي سنة 1945 أسس أول جوق عصري (المحافظة والأمل)، وكان مخرجا مسرحيا ومؤلفا للمسرحيات، وعرض في القاعات السينمائية عدة مسرحيات تعالج الأوضاع الاجتماعية للمغرب سواء بشفشاون أو تطوان أو غيرهما، وكانت تلاقي نجاحا كبيرا، وبسبب هذا النشاط المتعدد والمتميز تضايقت منه الحماية الاسبانية، فأبعدته عن مسقط رأسه حينما التحق بسلك التعليم الوظيفي، وعينته بمدينة مرتيل، ثم نقلته إلى تطوان تحت المراقبة، وبتطوان أسس نفس الجوق الذي كان يسيره بشفشاون تحت نفس الاسم، وانخرط كلية في عالم الموسيقى وتعلم عدة آلات النفخ، وانظم إلى الجوق الخليفي الحسني، حيث كان يتقن استعمال الآلات الموسيقية (الكورديون - البيانو - العود - البانجو - والآلات الايقاعية.
وكان جوقه الرسمي يتشكل من السادة:
1- العياشي أكويرة على الكمان.
2- الحسن كاصا على الكمان.
3- محمد الركراكي على الشيلو
4- الكمبري مع الفنان احماشة
5- عبد الواحد البصير على العود
6- العربي الشفا نجي على الكمان
7- الشيخ أحمد ولد لالا على الدربوكة والطار.
واهتم الأستاذ ورياش بالهاجس الفني الموسيقي الذي كان يشغله، وهو محاولة تطوير الأساليب الغنائية الموسيقية، وتحبيبها للأطفال الذين كان يرى فيهم النواة الصلبة لتأسيس مجالات موسيقية مغربية متجددة ومتطورة، فكان يوصل هذه الأفكار عن طريق طبع وتلحين العديد من الأناشيد والقطع الموسيقية الأندلسية، واختيار مجموعة من القصائد المديحية، وكانت أول باكورته "بعثة النبي المختار في الألحان والأشعار" في الخمسينيات، ثم كتاب "مطرب الأطفال" الحافل بالأناشيد التربوية، ومن شدة اهتمامه بالجانب الموسيقي، نظم للأطفال المغاربة عدة لقاءات، وأنشطة في الإذاعة - راديو درسة تطوان - على عهد الحماية، وبالإذاعة الوطنية للمغرب على عهد الاستقلال، وسجل بهما عدة وصلات موسيقية - ورافق الشيخ "محمد حسن الباقوري" عند زيارته لتطوان وهو يومئذ وزيرا للأوقاف حيث، سجل لإذاعة "صوت العرب" نشيدين وطنيين وفي الميدان الديني أسس الأستاذ ورياش جمعية "الرابطة المحمدية للأمداح النبوية" بمشاركة مجموعة من المادحين بتطوان وشفشاون، ولازالت موجودة إلى الآن. وسنتحدث عن نشاطها فيما بعد.
تذكر الأجيال التي تخرجت على يد الأستاذ ورياش عمله الفني التعليمي سواء في المدارس الابتدائية بشفشاون أو في مدرجات معهد القاضي عياض بتطوان، أو في مدرسة المعلمين، أو غيرها. أنه العاشق الولهان للموسيقى الأندلسية إلى جانب الموسيقى الكلاسيكية والعصرية مما كان يعزف بتنوع في الآتها الحديثة - كالبندونيون - فمن المهد إلى اللحد وهو مرتبط بفنه، بأدبه، وبشعره، وكانت مكتبته العامرة بحي الوطية بالمدينة القديمة لتطوان، تشهد للرجل مكانته العلمية والفنية، وخلف رحمه الله إرثا كبيرا من الأعمال والمساهمات لتطوير هذه الفنون من خلال توثيقه لمجموعة متعددة من المؤلفات الموسيقية وخصوصا للناشئة المغربية، أصدرها مطبوعة على "الستناسيل" باسم الجمعية التي أسسها جمعية "الرابطة المحمدية للأمداح النبوية بتطوان".
عن “الأجواء الموسيقية بتطوان وأعلامها”
لمؤلفه محمد الحبيب الخراز
كنال شفشاون
تعليقات
إرسال تعليق
إذا كان لديك الاستفسار حول الموضوع لاتنسى ترك التعليق.